إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح القواعد الأربعة
36901 مشاهدة print word pdf
line-top
جهاد علماء الأمة في حفظ العقيدة والذب عنها

وتعرفون أن علماء هذه الملة، علماء هذه الأمة قد خدموا هذا العلم، وأولوه عناية كبيرة، فالأولون منهم جمعوا في مؤلفاتهم جميع العلوم، كأهل الحديث، أهل الصحيحين، وأهل السنن جمعوا جميع العلوم في مؤلفاتهم حسب ما وصل إليهم من العلم. ثم جاء بعدهم، أو في زمنهم، من أفرد كل قسم من أقسام العلوم على حدة: أفردوا علم العقيدة، وعلم التوحيد في كتب مفردة، وأفردوا أيضا علم الأحكام والحلال والحرام، وأفردوا علم الآداب والأخلاق، كما أفردوا أيضا العلوم الآلية: كعلم النحو والصرف وما أشبهها.
وكل أهل زمان يهتمون بما يرونه مهما في زمانهم. لما كانت القرون الثلاثة، في القرن الثاني والثالث، كان البدع التي حدثت تتعلق بعلم العقائد، أي: بتوحيد الأسماء والصفات عند ذلك اهتموا بما يردوا على أولئك المبتدعة من الصفاتية، الذين أنكروا أسماء الله تعالى، وأنكروا دلالة الأسماء على الصفات، وأنكروا أيضا حقيقة الإيمان، وأن الأعمال ليست من مسمى الإيمان، وأنكروا أيضا عموم قدرة الله تعالى على كل شيء. فكانت مؤلفات ذلك الوقت مليئة بالسنة التي أفردوها في علم التوحيد، تتعلق بتوحيد الأسماء والصفات، وبالإيمان، فسموا مؤلفاتهم بالأسماء والصفات، أو الاعتقاد، أو الإيمان، أو السنة، أو الشريعة، أو الإبانة، أو التوحيد- بهذه الأسماء. وكتبهم والحمد لله تيسرت في هذه الأزمنة، وطبعت وانتشرت وأصبحت في متناول الأيدي، وبها عرف أنهم عالجوا ما اشتهر في زمانهم من تلك البدع، وردوا على أولئك المبتدعة، وأكثروا من الرد عليهم؛ ليبطلوا بذلك شبهاتهم. ولا شك أيضا أن هناك كثير من المبتدعة جمعوا ما يقدرون عليه مما يكون مبررا لأقوالهم، ومما يكون ناصرا لمشايخهم. فحشدوا من الأقوال في مؤلفات لهم، ولكنَّ مؤلفاتهم لا تفيد شيئا. ولهذا قال فيها ابن القيم رحمه الله:
فانظر تـرَ، لكن نـرى لك تـركها
حـذرا عليك مصـائد الشيـطانِ
إنما تروج على السذج، وعلى ضعفاء البصائر، ومع ذلك فإنهم يعتمدون فيها على أمور عقلية، ليست قريبة من الشرع. فعرفنا بذلك أن أهل ذلك الزمان أَوْلَوْا هذا التوحيد عناية كبيرة، الذي هو توحيد الأسماء والصفات، ولم يكن حدث في أهلهم شرك في الإلهية إلا نادرا، لكن جاء بعدهم من غلا في الصالحين، وغلا في المقبورين، وعبدوا غير الله، وصرفوا حق الله تعالى من العبادة لأولئك الأموات، وعظموا الأموات تعظيما لا يصلح إلا لله تعالى، فكانوا بذلك مشركين. لما عظموا المشاهد -يعني القبور- بنوا عليها، وزخرفوها، وجعلوا عليها قببا، وسموها مشاهد، ثم عكفوا عندها، وذبحوا لها، وتمسحوا بها، وطافوا بها، ودعوا أربابها، ورفعوهم وجعلوا لهم التصرف، وجعلوا لهم حق الأخذ والإعطاء والمنع، والعلم بالغيبيات، وما أشبه ذلك؛ فوقعوا في الشرك الذي كان عليه مشركو العرب، والمشركون الأولون من الأمم.

line-bottom